أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية

أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية

تُعتبر الغدة الدرقية جزءًا حيويًا من جهاز الغدد الصماء في جسم الإنسان، حيث تقع في الرقبة وتقوم بإفراز هرمونات أساسية مثل “الثايروكسين” (T4) و”مثلث اليودوثيرونين” (T3). هذه الهرمونات تلعب دورًا محوريًا في تنظيم العديد من العمليات الحيوية في الجسم مثل معدل الأيض، ودرجة حرارة الجسم، والنمو، والطاقة. ولكن عندما يحدث خلل في الغدة الدرقية، سواء بسبب مرض ما أو بسبب خلل وراثي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطراب في مستوى إفراز هذه الهرمونات، مما يسبب ما يُعرف بـ “زيادة نشاط الغدة الدرقية” أو “فرط النشاط الدرقي”.

ما هو فرط النشاط الدرقي؟

فرط النشاط الدرقي هو حالة طبية تحدث عندما تفرز الغدة الدرقية كميات كبيرة من هرمونات T3 وT4. هذه الزيادة تؤثر بشكل مباشر على العديد من وظائف الجسم، مما يؤدي إلى تسريع العمليات الحيوية مثل زيادة سرعة ضربات القلب، التعرق، فقدان الوزن غير المبرر، وأعراض أخرى قد تكون مزعجة أو مهددة للحياة في بعض الأحيان.

أسباب فرط النشاط الدرقي

قد تتعدد أسباب فرط النشاط الدرقي، ويمكن أن تشمل:

• مرض جريفز: هو من أبرز الأسباب المؤدية لزيادة نشاط الغدة الدرقية، حيث يُعتبر مرضًا مناعيًّا يهاجم فيه جهاز المناعة الغدة الدرقية ويحفزها على إفراز الهرمونات بشكل مفرط.

• العلاج باليود المشع: يمكن أن يؤدي العلاج باليود المشع الذي يُستخدم لعلاج تضخم الغدة الدرقية أو الأورام إلى زيادة نشاط الغدة الدرقية.

• التهاب الغدة الدرقية: مثل التهاب الغدة الدرقية من نوع هاشيموتو، الذي قد يؤدي إلى تدفق هرمونات إضافية في مجرى الدم نتيجة لتلف الأنسجة الغدية.

• أورام الغدة الدرقية: قد يكون وجود أورام حميدة أو خبيثة في الغدة الدرقية سببًا في الإفراز الزائد للهرمونات.

• الإفراط في تناول اليود: يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة من اليود (الذي يستخدم في بعض المكملات الغذائية أو الأدوية) إلى تحفيز الغدة الدرقية.

أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية

تظهر أعراض فرط النشاط الدرقي عندما تكون كمية الهرمونات المنتجة من الغدة الدرقية أكثر من الحاجة الفعلية للجسم. وتتمثل هذه الأعراض في عدة جوانب بدنية وعاطفية ونفسية، وتشمل:

1. زيادة معدل ضربات القلب (التسارع القلبي)

من أبرز الأعراض التي يعاني منها الأشخاص المصابون بفرط النشاط الدرقي هي زيادة سرعة ضربات القلب، مما يؤدي إلى الشعور بالخفقان أو ضيق التنفس، خاصة عند ممارسة النشاط البدني أو أثناء الراحة. يمكن أن يكون معدل ضربات القلب أكثر من 100 نبضة في الدقيقة، ما يسبب شعورًا بالقلق والتوتر.

2. فقدان الوزن غير المبرر

رغم زيادة الشهية للطعام في بعض الحالات، إلا أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة نشاط الغدة الدرقية يعانون من فقدان الوزن غير المبرر. يعود ذلك إلى تسريع عملية الأيض بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى حرق كميات كبيرة من السعرات الحرارية دون أن يوازي ذلك زيادة في استهلاك الطعام.

3. التعرق الزائد

يُعد التعرق المفرط أحد الأعراض الشائعة لمشاكل الغدة الدرقية. نتيجة لزيادة الأيض، يقوم الجسم بزيادة إنتاج الحرارة، مما يؤدي إلى شعور الشخص المصاب بفرط النشاط الدرقي بالحرارة المفرطة والتعرق الشديد، حتى في الأجواء الباردة.

4. الأرق واضطرابات النوم

يُلاحظ العديد من المصابين بفرط النشاط الدرقي اضطرابات في النوم، حيث يعانون من صعوبة في النوم أو الاستمرار فيه، وذلك نتيجة لتسارع النشاط البدني والعقلي نتيجة لزيادة مستويات هرمونات الغدة الدرقية. قد يشعر المصاب بالإرهاق الجسدي والعقلي بسبب قلة النوم، مما يؤثر سلبًا على الصحة العامة.

5. التهيج والقلق

تُؤثر زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية على الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى مشاعر القلق والتوتر المفرط. يلاحظ المصابون فرط النشاط الذهني، مع شعور دائم بالتوتر العصبي الذي يصعب السيطرة عليه.

6. ضعف العضلات والارتعاش

قد يشعر الشخص المصاب بفرط النشاط الدرقي بضعف عضلي، خاصة في العضلات الكبيرة مثل الساقين والذراعين. يرتبط هذا الأثر بتسريع الأيض العضلي وارتفاع مستويات البروتينات العضلية المتحللة. يمكن أن يُرافق هذا الشعور ارتعاش أو اهتزاز غير مفسر في اليدين أو أجزاء أخرى من الجسم.

7. مشاكل في الجهاز الهضمي

يزداد معدل حركة الأمعاء عند المصابين بفرط النشاط الدرقي، ما قد يؤدي إلى الإسهال المتكرر أو التبرز المائي. يعود ذلك إلى تأثير الهرمونات الزائدة على الجهاز الهضمي وزيادة سرعة عملية الهضم.

8. تغيير في الدورة الشهرية

يمكن أن تؤدي زيادة نشاط الغدة الدرقية إلى اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء، حيث قد تصبح الدورة الشهرية غير منتظمة أو غزيرة. في بعض الحالات، قد يتوقف الحيض تمامًا نتيجة لهذه التغيرات الهرمونية.

9. جحوظ العينين

يُعد جحوظ العينين (الذي يعرف باسم “دخول العينين إلى الأمام”) أحد الأعراض الخاصة بمرض جريفز، حيث يعاني المصابون به من انتفاخ العينين وبروزها بشكل غير طبيعي. قد يصاحب هذا العرض الشعور بجفاف أو تهيج في العينين، وصعوبة في التركيز.

10. زيادة في الضغط الدموي

نظرًا لزيادة معدل ضربات القلب، قد يعاني المصابون من ارتفاع ضغط الدم، مما قد يؤدي إلى شعور بالدوار أو عدم الراحة. يشكل هذا العرض خطورة على صحة القلب والأوعية الدموية إذا لم يتم التحكم فيه.

11. تغيرات في البشرة والشعر

يتسبب فرط نشاط الغدة الدرقية في جفاف البشرة وفقدان مرونتها، بالإضافة إلى تساقط الشعر بشكل ملحوظ، خاصة في مناطق معينة من فروة الرأس. قد يصبح الشعر هشًا وضعيفًا.

12. تقلبات في درجة حرارة الجسم

رغم الشعور بالحرارة الشديدة والتعرق، قد يشعر البعض أحيانًا بالبرد في أطراف الجسم، مثل اليدين والقدمين، نتيجة لاضطراب التوازن الحراري في الجسم.

تشخيص زيادة نشاط الغدة الدرقية

يتم تشخيص زيادة نشاط الغدة الدرقية من خلال مجموعة من الفحوصات الطبية التي تشمل:

• فحص مستويات الهرمونات الدرقية: يتم فحص مستوى هرموني T3 و T4 في الدم للتأكد من وجود مستويات مرتفعة.

• اختبار الهرمون المحفز للغدة الدرقية (TSH): يعد انخفاض مستوى TSH مؤشرًا على زيادة نشاط الغدة الدرقية.

• التصوير بالموجات فوق الصوتية: قد يُستخدم للكشف عن وجود أي تضخم أو أورام في الغدة الدرقية.

• اختبار اليود المشع: يساعد هذا الاختبار في تحديد ما إذا كانت الغدة الدرقية نشطة بشكل غير طبيعي بسبب وجود مرض جريفز أو اضطرابات أخرى.

علاج زيادة نشاط الغدة الدرقية

يعتمد علاج فرط النشاط الدرقي على السبب الكامن وراء الاضطراب. قد تشمل العلاجات ما يلي:

• الأدوية المضادة للغدة الدرقية: مثل “الميثيمازول” و”البروبيل ثيوراسيل”، التي تساعد في تقليل إنتاج الهرمونات الدرقية.

• اليود المشع: الذي يتم استخدامه لتدمير الأنسجة الزائدة في الغدة الدرقية.

• الجراحة: في حالات معينة قد يكون من الضروري استئصال جزء من الغدة الدرقية.

الختام

تعد زيادة نشاط الغدة الدرقية حالة صحية تحتاج إلى تشخيص دقيق وعلاج مناسب. إذا لم يتم التحكم فيها، فإنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تؤثر على صحة القلب، والجهاز العصبي، والأجهزة الأخرى في الجسم. بالتالي، من الضروري اللجوء إلى الرعاية الطبية في أقرب وقت عند ظهور الأعراض المرتبطة بفرط النشاط الدرقي.